02‏/11‏/2013

حصار اللون الاصفر والصوابع الاربع

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دشن الشعب المصري ملحمة بطولية منذ 28 يونيو 2013 الماضي ليدافع عن الشرعية التي اختار عبرها أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد. ومثل اعتصام رابعة العدوية وجهة لكل أحرار العالم، فأخذوا يتابعون أحداثه يوما بيوم، وقدم مثالا حيا عن دفاع المصريين عن حقهم المسلوب من قبل العسكر المُنْقلبين على الرئيس المنتخب محمد مرسي. و في صباح 14 أغسطس 2013 تدخل الأمن والجيش المصري لفض الاعتصام، وارتكبوا أكبر مجزرة دموية بحق المدنيين في التاريخ، خلفت مئات الشهداء وآلاف الجرحى، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ مصر. في ليلة واحدة قتل الإنقلابيون وحرقوا الشهداء أحياءا وأمواتا، ودهستهم المدرعات، ومنعوا سيارات الإسعاف من نجدة المصابين، وأحرقوا المستشفى الميداني بما فيه من جثث الشهداء حتى تفحمت. وبعد ساعات عادوا لمكان المجزرة بمعدات النظافة ليغسلوا دماء الشهداء وأشلائهم التي التصقت بالأرض، معتقدين أنهم يخفون ويمحون آثار جريمتهم !! .
وحينما انتهى القتلة من ارتكاب جريمتهم في غفلة من العيون، وظنوا أنهم نجحوا في إخفاء كل الأدلة والقرائن التي قد تظهر وحشيتهم، فجأة شاءت الأقدار أن يظهر الله لهم دليلا قويا يذكرهم بجريمتهم، وهي إشارة وعلامة "رابعة العدوية"، التي أصبح خروجها إلى العلن ينغص عليهم مضاجعهم، فتراهم يصابون بالفزع والهلع حينما يحملها أو يرفعها أي إنسان حتى وإن كان طفلا أو كهلا.
واخترقت إشارة النصر بالأربعة أصابع الحدود الجغرافية، فغزت أعماق البحار، وارتفعت في صحن الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، وفي محيط المسجد الأقصى بالقدس الشريف. وباتت تطبع على الملابس والحقائب وتعلق فوق الصدور، ولوح بها العرسان في أفراحهم، واللاعبون في ملاعبهم. كما انتشر شعار رابعة بتركيا بطرق مختلفة، لعل أغربها هو إقدام آلاف الشباب على قصات شعر تحمل شعار رابعة، فأضحت قصات رابعة إحدى آخر صيحات قصات الشعر بتركيا، ليصبح الشعار المستوحى من اسم ميدان رابعة العدوية في مصر، رمزا للنصر في كل بقاع العالم.
لقد أصبح هذا الشعار الذي أطلقه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عندما أشار بأصابعه الأربعة خلال خطاب جماهيري في مدينة بورصة بتركيا رمزا للمظاهرات، وأحد العلامات الأساسية الوثيقة الصلة في كل الاحتجاجات التي ينظمها معارضو الإنقلاب العسكري في كل أنحاء العالم. وتحول هذا الشعار بمثابة كابوس يزعج الإنقلابيين ويسبب لهم قلقا كبيرا، لأنه يذكرهم بما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية، وباتوا يعتقلون النساء بجريمة لا يقرها أي نص، لمجرد أنهن يحملن شارات رابعة أو يعلقنها على سياراتهن، واعتقال ناشطين آخرين واتهامهم بحيازة شارة رابعة العدوية وأعلام مكتوب عليها رابعة رمز الصمود.

لقد أخذ شعار رابعة العدوية ينتشر بشكل سريع في كافة أرجاء العالم، وصار رمزا لمختلف فئات المسلمين المنددين بمواقف كافة الدول في الشرق والغرب، التي تجاهلت تعرض آلاف المصريين للمجازر. ويواصل مثقفون وصحفيون وباحثون وناشطون تقديم تفسيرات مختلفة لمعني هذا الشعار، نجملها في الآتي:
1_ شعار رابعة إشارة جديدة للتعبير عن النصر في العالم الإسلامي، بدلا من الإشارة الأخرى التي تستخدم برفع أصبعين. ويعني شعار رابعة الإبن الذي فقد أباه، والأم التي تبكي ابنها، والزوجة التي ترملت، والأطفال الذين يتموا، وعقارب الزمن التي توقفت ليوم كامل حتى مرت مجزرة في حق متظاهرين خرجوا دفاعا عن الشرعية ضد من سلبهم صوتهم الإنتخابي، ولم يكن أحد منهم يتصور أن أرواحهم ستلحق بصوتهم المسلوب.
2_ ويعتبر أنصار الرئيس مرسي، أن الإشارة بأربعة أصابع من اليد اليمنى، ترمز للصمود، بعدما أمضى المعتصمون في ميدان رابعة العدوية نحو 48 يوما، بما فيها شهر رمضان وعيد الفطر، للمطالبة بعودة الرئيس الشرعي إلى السلطة، وأضافوا أن شعار رابعة مستوحى من اسم الميدان الذي يرمز للعدد أربعة والترتيب الرابع في العربية، وهو اسم سيدة تقية من أولياء الله، رابعة العدوية التي توفيت في القدس، في العصور الأولى للإسلام،
3_ رابعة هي رمز للحرية و مخاض لولادة حركة حرية وعدالة جديدة، وبشارة لولادة عالم جديد، وبروز المسلمين من جديد في الساحة الدولية. ورابعة هي من انهارت أمام أعتابها القيم الغربية الزائفة، ورمز لبطولة الأحرار الذين ضحوا بحياتهم، ورمز للصحوة في وجه الإستكبار والظلم والمجازر التي يمارسها الغرب والشرق ضد الإسلام والمسلمين.

وقد أجرت إحدى الصحف التركية لقاءا مع مصممي شعار رابعة العدوية، الذي اتخذته كل الشعوب الحرة رمزا، ذلك الشعار الأصفر الذي يتوسطه 4 أصابع للدلالة على مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية. وقال مصمما الشعار صالحة ايرين وجهاد دوليس التركيين لصحيفة " يني شفق "، إن هذا الشعار يمثل صرخة ضد المجزرة التي حدثت، مؤكدين أن اللون الأصفر بالشعار يرمز للقدس الشريف، أما اللون الأسود فيرمز للكعبة المشرفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق